نما (ربّما نشأ من جديد) المجتمع المدني خلال العقد الماضي بشكل كبير في سورية، وبعيداً عن جدليّة التسمية فإننا نعني هُنا مختلف الكيانات المجتمعيّة والمبادرات والفرق والجمعيات والمؤسسات المرخصة وغير المرخصة في مختلف الجغرافيات داخل وحول سورية.

بالطبع كان للمجتمع المدني أدوار كبيرة وهامّة جداً لتحسين حياة السوريين خلال العقد المأزوم والمعقّد، نودّ هُنا تدوين بعض الملامح السلبيّة علّها تكون دروساً مستفادة للعمل المدني السوري في قادم الأيّام

الوكالات الحصريّة

تعتقد بعض المجموعات أنّ موضوعات وقضايا معيّنة واحتياجات أساسيّة العمل عليها حكر لها، ولايجوز دخول لاعبين جدد لسدّ الإحتياجات أوالعمل في هذا المجال، إلا من خلال الانضمام لهذه المجموعات أو العمل بإدارتها، من منطلق سخيف بأنهم من عملوا أولاً على ذلك وربّما لسنوات متعددة.

مع السوق منسوق

لايتوقف أفراد ومجموعات عن ركوب الأمواج المدنيّة الجديدة، التي تجتذب التمويل والاهتمام، بالطبع لايعني هذا تقييد حريّة الناشطين في الإنخراط بقضايا جديدة ولكنّهُ دعوة لأخذ القضايا بجديّة أكثر والتخصص لإغناء القضايا والأهداف، ودعوة لتجاوز السطحيّة المعرفيّة المفرطة هذه الأيام بين ناشطين كُثُر. (لاتناقض مع النقطة السابقة، إنّهُ خيط رفيع يجب إدراكه.

ديكتاتوريّة القُدامى، كهنة العمل المجتمعي

يلعب بعض الأشخاص أدوار الكهنة الذين لايتغيّرون (شباب وكهول على حدّ سواء!) وهم يُسيطرون على جمعيات ومؤسسات كبيرة ويديرون أصغر التفاصيل فيها لصالحهم ووفق أهوائهم ولمصالح عائلاتهم وربّما مؤسساتهم التجاريّة، إنّهم يلعبون بالإنتخابات كما يلاعب الأطفال مكعّباتهم، يدّعون قيماً ويتجاوزونها، إنّها تُعجب المانحين الذين أصبح موظفوهم شركاءاً لهم أحياناً!

دكّانة الحجّي

هذا النمط من الأعمال قد يشمل الأعمال العائليّة والمقصود به هُنا التحكّم وإدارة العمل بطرق قديمة تقليديّة، ربّما النوايا خيّرة وصادقة إلا أنّ هذه الطريقة بالعمل تعتمد الولاء المطلق وتبدد الموارد ويحكمها الفردانيّة والشخصيّة والكلمة الواحد التي لايجب نقاشها لصاحب العمل/المؤسسة الكبير، إنها نموذج موازي للورشات الصناعيّة التي تبقى محلّها ولاتتطوّر بمرور الزمن وتنتهي بغياب أصحابها.

فزعة يا جماعة

تعمل كثير من المجموعات وفق مبدأ الحاجة الملحّة والإستجابة السريعة، وهذا مميّز مهم وأساسي إلا أنّ حالة المفاجأة المستمرّة والإندهاش المصطنع في ظروف متكررة تتحوّل إلى حالة لتضييع الموارد وغياب الشفافيّة والأرقام بحجّة الإستجابة، كما أنها تشمل فرص للتلاعب وتبييض الأموال وتلميع الشخصيات.

تمييع القضايا

يلجأ كثير من الناشطين للعمل في قضايا لايعتنقونها بالفعل، لأنهم ببساطة يحتاجون للعمل والأجور والإستمرار، هذا الأمر يجعل كثير من العاملين في القضايا لايعرفون عنها الكثير بل وتبدو تفسيراتهم متناقضة على الرغم من عملهم وفق نفس النماذج والأهداف إلا أنّ التنفيذ وفهم العمليات يكون مختلف تماماً ما يجعل النتائج متضاربة.

بعضها ليس إلّا مؤسسات حزبيّة!

من المفهوم انتماء ناشطين مدنيين لأحزاب سياسيّة هذا حق طبيعي، لكنّ انتماء كيانات مدنيّة تدعي الإستقلاليّة هو أمرٌ مريب، وقد نجدُ جمعيات ومؤسسات مدنيّة هي حزبيّة تعمل مع مستفيدي الحزب السياسي وعائلاتهم، بالتالي فهذه الجمعية تتموّل حزبيّاً وتروّج لأهداف الحزب/الحركة في أيّ منصات مدنيّة قد تناقش قضايا إنسانيّة.

نعمل مع جماعتنا فقط

للأسف درجت أعداد كبيرة من الجمعيات على العمل مع طوائف معينة أو في مناطق محددة، ليس من باب تقسيم العمل وإنما تقسيم الجماعات على أسس الانتماء السياسي والعرقي والطائفي والمناطقي في ضرب واضح لمبدأ العمل لأجل الإنسان الذي من المُفترض أن يكون بديهيّاً.

شغل بازاري

يُعرف الشغل أو المنتج البازاري بأنّهُ المشغول بلا اتقان وهو دوماً قابل للعطب وغير مفيد، يمتنع عنهُ الناس ولايُقدم عليه الحرفيين المعروفين، هذا في الأسواق التجاريّة، كذلك في المجتمع المدني السوري كثير من الخدمات المقدمة هي خدمات غير مفيدة ورديئة وقد تسبب مشكلات أعتقد من تلك التي تُحاول حلّها، ينسحب هذا على ما يُقدّم معنويّاً (بعض الدعم النفسي مثلاً) وفي المُقدَّمات العينيّة للمحتاجين!

نحنا غير انتو

تمتنع كثير من الجهات عن الإنضمام لشبكات أو مجموعات لتعزيز الوصول وزيادة الجدوى، فنجد مشاريع متطابقة مع نفس المستفيدين والسبب الإمتناع عن التنسيق والعمل المشترك خوفاً من انجذاب المانحين نحو جهة على حساب أخرى أو لغياب الثقة من أساسها، وربّما قلقاً من الشفافيّة والتغيير والجيل الشاب.

هذه الملامح ليست كُل شيء، هناك عشرات الملامح الإيجابيّة التي نفتخر بها ونعمل على تعميمها وتعظيم أثرها

وسيم السخلة

13/06/2021