نتعجّب من فتاة صينيّة تمارس الرياضة على الرصيف، فلا زبائن لمحلها الذي يبيع الشاي الصيني بطعماته
نراقبُ الهواء برائحة شواء الشاورما واحتراق المازوت والبنزين في مولدات الكهرباء الكبيرة والصغيرة ميكس
ننظر إلى بائع وردٍ يحتّل الطريق، لا أحد يُحاسب أحداً فالورود مسموح لها الطريق، كما هي عربات الصاج
نختار أفضل عربة لبيع التماري كعك ونحصل على أسوء طعمة منها، بلا طعمة أضافو شوكولا وفريز وجوز!
نسترقُ بعض الوقت أمام المحمصة، لأننا نحبّ رائحة تحميص المكسرات، ثم نشتريها من البيرقدار، أو نظام
نجري جولة في محال الثياب، نرى أصدقائنا المغادرين فيها، أشباه ذكريات وأشباه أيام، أين ذهب الناس؟
نعتاد أصوات مولدات الكهرباء، نطبّع مع رائحة قلي الفلافل والبطاطا، نعرفُ أنّهُ زيت مكرّر ألف مرة، ومرة
نرضى بانقسام محل “عرقسوس الشعلان” لمحلين، نسامح بائعي سوق التنابل الذين يحتلون رصيف ونصف شارع
نعود إلى حلويات الورد، سعر عادي طعم عادي لم يتغير منذ عقد ، الوحيد الذي يبيع بابا روم بقطر وماء فقط
نركب مع أصدقائنا، نخفضُ نصف البلّور نُشغّل أغاني 2010 نمشي ببطىء لنُسمع الناس أغنيات مروان خوري
تفتحُ محال جديدة، نجرّبها لمرّة واحدة، ثم نعود إلى المحال القديمة، تهمّنا الذكريات لا الجودة، نحبّ الرائحة
نعود لبطاطا الرواد أو لسندويشات الفلافل الصغيرة عند بيسان، مهما افتتحت محلات سناك جديدة، تبقى جديدة
سندويشات بطاطا الكروكيت وأنواع السندويشات الكثيرة عند سناك هنيء باتت غالية جداً، كما لم تكن في الماضي
يجرّب بنّ الشامي بيع القهوة، الناس هنا لغير التسوق يشترون عادةً لا تلذذاً، يكتفي فرن السكري بمنتصف النهار
تجول السيارات الخليجيّة، يُمارس أصحابها فعل العدم، يمشون ببطء، يحتكّون بالعامّة، يتحرّشون بأحلامهم
نقفُ في الزوايا، نُراقب الماضي الذي كان، لانطبّع مع سائقي الدراجات الناريّة، نكره حضورهم في الشارع وزعرنتهم
نوسّخ ملابسنا الجديدة، نشتري بوظة الفواكه التي ارتفعت مئة ضعف، توقفنا عن شراء بطاطا الكومبرينو منذ عقد!
تفتح محال جديدة للموبايلات كلّ يوم، ميتا المزيّف ينافس متجر أبل المزيّف، ايّما تنافس نفسها، سامسونج لوحده
مأكولات السبكي تزيد اللون الأصفر حولها كمتجر خردل، الرصيفُ متروك لأشجار الكينا الناس يمشون على ذكرياتهم
في الشارع الموازي برود وعدميّة، جمهور السبكي غير جمهور الشعلان، خرّبوا الحديقة منذ سنوات ولن ترجع
جمهور الشعلان يعرفُ محلّ NBA المزيّف وينصح أطفاله بشراء كاسكيتات منه وأعلام للمونديل وكونڤيوس ملوّن
يحفظُ الناس أسعار الفواكه الموسميّة، يفاضلون بين أنواع الكمأة، يحبّون الوجوه البشوشة مهما فاصلتها
يُحبّ الناس ألوان المخللات ولا يشترونها، يعاينوها ويسألون عن قساوتها، ثم يشترونها من باب سريجة
يمشي الناسُ بلا هدف، يصطدمون ببعضهم، يقولون جميعاً “نزلت ع الشعلان” وكأنها قاع المدينة بالفعل
ينتهي في كلّ الأماكن بعد رمضان، إلا في الشعلان يبقى التمر هندي والعرق سوس مستمر، يتّسعُ الشارع بالإزدحام
الناسُ يُعلّقون صور الرئيس، ويحتفلون بالمولد النبوي، ويشترون شرطة المرور، ويوسخون وينظفون كل يوم
في الشعلان نحن لاننتظر أحد، لا نواعد أحد، المكان هو الناس، من كلّ الطبقات، هناك طبقة وحيدة تحبّ المكان
بعض الشباب يأتون زيارات من ألمانيا ليس لأجل عائلاتهم، يتواعدون في الشعلان، يشتهونها، يشتهون حياةً قديمة
وسيم السخلة
الشعلان 2023
Leave a Reply