بطعم الميرميّة المغليّة.. مُرّ، كانت ماما تعدّ الميرميّة للمغص، لم يكن مغصاً، كان عادة النقّ قبل الإمتحان

يوم الإمتحان تسمع أسوأ صوت لمنبّه في العالم، مهما كانت الأغنية أو الموسيقى، رنّة منبّه الساعة صباح الامتحان واحدة، تُشبهُ الحلقة الأخيرة في مسلسل الانتظار، حقيرة

البرد الذي يأكل أطرافك (أنت الذي لاتعرفُ البرد) لاتعنيه درجات الحرارة، صوت فيروز الشتوي البعيد يبدو وكأنه حُزنٌ عليك، صوت فتح باب الصوبيا وأنت في أبعد غرفة عن الصالون يُشعرك أنها تحتاج 10 ساعات لتتوهّج، حتى القهوة المغليّة تشربها باردة، يطلُبك الحمّام 4 مرّات في ساعة!

تكون الشمس بيضاء صباح الامتحان، لا أشعة لها، فقط بياضٌ بارد متسلّل عبر الغيوم، تتمنّى لو أنّ يُعطوك 5 دقائق أخرى ولو كنت قد غفوت منذ دهر وعندما تستيقظ تكتشف أنه لم يكن هناك من غيوم بل كان مناماً

العصافير تُصدر أصواتاً غريبة، اصطكاكُ أسنانها مع بعضها وليس تغريداً، أشعرُ أن العصافير تنتظرُ قيامتي لتغفو من جديد

في صباح الامتحان تكتشفُ أنّ أقلامك الزرقاء جميعها سائلة لاتصلح لورقة الإمتحان، وأنّ ماحفظته لايُساوي سؤال شاهدّتهُ صدفةً فوق طاولتك

الناس في الطريق يتركُونك لمصيرك، لا أحد يُسلّم عليك، الحارة تبدو حيّاً آخر لاتعرفه، أطفال المدارس يتطلعون إليك كندّ، كيف يعرفون أنّ لديك امتحاناً مثلهم؟

في الحافلة لاأحد يتعاطى معك، وكأنهم يعرفون جميعاً أنك تخون الحياة اليوميّة وتقدم امتحاناً، تنظر للساعة كلّ دقيقة رغم أنّ الوقت مازال بعيداً، تتحرّك العقارب بسرعة الحلزون ولكنّ الساعة فجأة تصيرُ مكتملة

في باب الجامعة تنسى من أنت، أو تتذكّر أنك طالب وعليك البحث عن بطاقتك

في مدرّج الامتحان أنت متهم بلاسبب، يتطلّعُ إليك المراقبون وكأنك مجرمٌ محتمل.. في الحقيقة أنت لم تفعل شيء لكنهُ تقليدٌ يتوارثهُ المراقبون وربّما يتعلمونه بدقّة، بثّ الرّعُبْ!

*في الامتحان – لوحة لممدوح قشلان 1959